تطورات قطاع الحراسات في الخليج

يشهد قطاع الحراسات الأمنية والخدمات الأمنية المتكاملة في دول الخليج العربي، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، تحولات وتطورات جذرية مدفوعة بالرؤى الوطنية الطموحة (مثل رؤية 2030) والتركيز المتزايد على الرقمنة والأمن السيبراني.

يمكن تلخيص تطورات هذا القطاع في عدة محاور رئيسية:


1. التحول نحو الأمن المدمج والتكنولوجيا (Tech-Driven Security)

لم تعد الحراسة تقتصر على العنصر البشري فقط، بل أصبحت تركز على التكامل الذكي بين الأفراد والأنظمة.

  • الأمن الإلكتروني والسيبراني: تزايد الطلب على خدمات الأمن السيبراني بشكل كبير جدًا، حيث أن دول الخليج تستثمر مبالغ ضخمة في هذا المجال. هذا يفتح فرصًا لشركات الحراسة لتوسيع نطاق خدماتها لتشمل:
    • أمن إنترنت الأشياء (IoT Security): تأمين البنية التحتية للمدن الذكية والمباني الرقمية.
    • خدمات الأمن المُدارة (Managed Security Services): تقديم مراقبة وتحليلات أمنية إلكترونية على مدار الساعة.
  • الأتمتة والذكاء الاصطناعي (AI & Automation):
    • المراقبة الذكية: استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل لقطات الفيديو لتحديد التهديدات الأمنية بشكل استباقي (Video Analytics) بدلاً من الاعتماد على مراقب بشري فقط.
    • الطائرات بدون طيار (Drones): استخدامها في الدوريات الأمنية والمراقبة الجوية للمواقع الكبيرة (مثل مواقع الإنشاءات والمناطق الصناعية)، مما يقلل الحاجة إلى الدوريات الأرضية البشرية المكلفة.
  • رقمنة العمل الميداني: التحول الكامل من التقارير الورقية وأنظمة تسجيل الحضور اليدوية إلى تطبيقات الجوال وأنظمة تتبع الجولات (Guard Tour Systems) المتقدمة.

2. تطوير العنصر البشري والاحترافية (Professionalization)

تتجه الجهات الرقابية في الخليج لرفع مستوى الاحترافية في القطاع من خلال التركيز على التدريب والتوظيف:

  • تنظيم الأجور والعمالة: في المملكة العربية السعودية، هناك جهود لتنظيم القطاع ورفع الحد الأدنى لرواتب حراس الأمن واعتماد عقود موحدة لزيادة جاذبية المهنة وتقليل معدل الدوران الوظيفي (Turnover).
  • التدريب المخصص: أصبح التدريب أكثر تخصصًا، حيث لم يعد يكفي الحصول على تدريب أمني عام، بل يتم التركيز على تدريب خاص لقطاعات محددة (مثل: أمن المستشفيات، أمن المجمعات التجارية، أمن البنية التحتية الحيوية).
  • الزيادة في التوطين: هناك تركيز مستمر على زيادة نسبة التوطين في قطاع الحراسات والأمن الخاص، مما يتطلب استثمارًا أكبر في تدريب وتأهيل الكفاءات المحلية.

3. التوسع في المشاريع العملاقة و البنية التحتية (Mega Projects Demand)

تخلق المشاريع العملاقة في السعودية (نيوم، القدية، مشروع البحر الأحمر) وفي الإمارات (مشاريع إكسبو، المناطق الحرة الجديدة) طلبًا هائلاً على الخدمات الأمنية المتطورة.

  • الأمن المتكامل للمدن الذكية: تتطلب هذه المشاريع حلولاً أمنية متكاملة تبدأ من الأمن المادي وتنتهي بالأمن السيبراني، وتعتمد على دمج أنظمة الذكاء الاصطناعي وإدارة البيانات.
  • أمن البنية التحتية الحيوية (Critical Infrastructure Protection): تزايد أهمية تأمين محطات الطاقة، والمياه، والمنشآت النفطية والغازية، مما يتطلب فرقًا متخصصة وذات تدريب عالي.

4. التشريعات والرقابة (Regulation and Compliance)

تعمل الحكومات على تشديد الرقابة لضمان جودة الخدمات والامتثال:

  • توحيد المعايير: العمل على توحيد وتحديث اللوائح التي تحكم عمل شركات الحراسة الأمنية لرفع مستوى الجودة في جميع أنحاء المنطقة.
  • المرجعية الواضحة: في دول مثل السعودية، يتم التأكيد على أن المرجعية الرئيسية لقطاع الأمن والحراسات هي الأمن العام، مما يضمن الالتزام بالمعايير الحكومية الصارمة.

باختصار، يمكن القول إن قطاع الحراسات في الخليج يتجه نحو نموذج “الأمن الذكي”، حيث يتم دمج الحارس المُدرب تدريبًا عاليًا مع أنظمة تكنولوجية متقدمة لتقديم قيمة مضافة تتجاوز مجرد الحراسة التقليدية.